حب الله فى قلوب أطفالنا هدف نبيل
حب الله فى قلوب أطفالنا هدف نبيل
إن الطفل نبتة صغيرة تنمو و تترعرع
فتصير شجرة مثمرة أو وارفة الظلال
أو قد تصير شجرة شائكة أو سامَّة والعياذ بالله
و حتى نربي جيلاً من الأشجار المثمرة أو وارفة الظلال
فإنه علينا أن نعتني بهم منذ البداية
مع التوكل على الله تعالى و الاستعانة به في صلاحهم
وما أحوجنا في هذا العصر الذي أصبحت فيه الأمم
تتداعى على أمة الإسلام كما تتداعى الأكَلَة على قصعتها
كما أخبر رسول الله صلى الله عليه و سلم
بأن نربي و ننشئ جيلاً قوي الإيمان يثبُت على الحق
و يحمل لواء الإسلام و يدافع عنه بكل طاقته
وأول ما يمكن أن يحقق هذا الهدف النبيل
و يعين على بلوغ تلك الغاية السامية
هو مساعدة أطفالنا على حب الله عز و جل
ما هو حب الله
هو أن يكون الله تعالى أحب إلى الإنسان
من نفسه و والديه و كل مايملك
لماذا الأطفال
لأن الطفل هو اللبنة الأولى في المجتمع
فإذا و ضعناها بشكل سليم
كان البناء العام مستقيماً مهما ارتفع و تعاظم
كما أن الطفل هو نواة الجيل الصاعد
التي تتفرع منها أغصانه و فروعه
و كما نعتني بسلامة نمو جسمه
فيجب أن نهتم بسلامة مشاعره و معنوياته
فإذا حرصنا على ذلك فإن جهودنا سوف تؤتي ثمارها
حين يشب الطفل و يحمل لواء دينه
إذا أحب ربه و أخلص العمل له
و إن لم نفعل نراه يعيش ضائعاً بلا هوية و العياذ بالله
لماذا نعلمهم حب الله
1- لأن الله تعالى قال عن الذين يحبونه
في الآية رقم 31 من سورة آل عمران :
قُل إن كُنتم تحبون اللهَ فاتَّبعوني يُحِببْكُم اللهُ
و يَغفر لكم ذنوبَكم وا للهُ غفورٌ رحيم
2 لأن الله جلَّ شأنه هو الذي أوجدنا من عَدَم
و سوَّى خَلقنا و فضَّلنا على كثير ممَّن خلق تفضيلا
و مَنَّ علينا بأفضل نعمة و هي الإسلام
ثم رزقنا من غير أن نستحق ذلك
ثم هو ذا يعدنا بالجنة جزاءً لأفعال هي من عطاءه و فضله
فهو المتفضِّل أولاً و آخِرا
3 لأن الرسول صلى الله عليه و سلم كان يدعو :
اللهم اجعل حُبك أحب إلىَّ مِن نفسي و أهلي
و مالي و ولدي و من الماء البارد على الظمأ
و لنا في رسول الله الأسوة الحسنة
4- لأن الحب يتولد عنه الاحترام والهيبة في ا لسر و العلن
و ما أحوجنا إلى أن يحترم أطفالنا ربهم ويهابونه
- بدلاً من أن تكون علاقتهم به قائمة على
الخوف من عقابه أو من جهنم
فتكون عبادتهم له متعة روحية يعيشون بها وتحفظهم من الزلل
5- لأن الأطفال في الغالب يتعلقون بآبائهم و أمهاتهم
- أو مَن يقوم برعايتهم و تربيتهم أكثر من أي أحد
مع العلم بأن الآباء و الأمهات و المربين لا يدومون لأطفالهم
بينما الله تعالى هو الحيُّ القيوم الدائم الباقي الذي لا يموت
و الذي لا تأخذه سِنةٌ ولا نوم فهو معهم أينما كانوا
و هو الذي يحفظهم و يرعاهم أكثر من والديهم
إذن فتعلقهم به و حبهم له يُعد ضرورة
حتى إذا ما تعرضوا لفقدان الوالدين أو أحدهم
عرفوا أن لهم صدراً حانياً و عماداً متيناً
و سنداً قوياً هو الله سبحانه وتعالى
6- لأنهم إذا أحبوا الله عز وجل وعلموا أن القرآن كلامه أحبوا القرآن
و إذا علموا أن الصلاة لقاء مع الله فرحوا بسماع الأذان
و حرصوا على الصلاة وخشعوا فيها
و إذا علموا أن الله جميل يحب الجمال
فعلوا كل ما هو جميل و تركوا كل ما هو قبيح
و إذا علموا أن الله يحب التوابين و المتطهرين و المحسنين
و المتصدقين و الصابرين و المقسطين و المتوكلين
و أن الله مع الصابرين و أن الله ولي المتقين
و أنه وليُّ الذين آمنوا و أن اللهَ يدافع عن الذين آمنوا
اجتهدوا ليتصفوا بكل هذه الصفات ابتغاء مرضاته
و حبه و ولايته لهم و دفاعه عنهم
أما إذا علموا أن الله لا يحب الخائنين و لا الكافرين و لا المتكبرين
و لا المعتدين و لا الظالمين و لا المفسدين
و أنه لا يحب كل خَوَّان كفور أو من كان مختالاً فخورا
لا بتعدوا قدر استطاعتهم عن كل هذه الصفات
حباً في الله ورغبة في إرضائه
7- لأنهم إذا أحبوا الله جل و علا أطاعوا أوامره
و اجتنبوا نواهيه بطيب نفس و رحابة صدر
و شبُّوا على تفضيل مراده على مرادهم
و تقديم كل غال و ثمين من أجله
و التضحية من أجل إرضائه
و ضبط الشهوات من أجل نيل محبته
فالمُحب لمن يحب مطيع
أما إذا لم يحبوه شَبُّوا على التفنن في البحث عن
الفتاوى الضعيفة من أجل التَفَلُّت من أمره و نهيه
8- لأن حب الله يعني استشعار أنه عز و جل يرعانا و يحفظنا في كل
وقت و مكان مما يترتب عليه الشعور بالراحة و الاطمئنان و الثبات
و عدم القلق أو الحزن و من ثم سلامة النفس و الجسد من الأمراض
النفسية و العضوية بل والأهم من ذلك السلامة من المعاصي و الآثام
فعلينا أن نفهمهم أن مَن كان الله معه فمَن عليه
ومَن كان الله عليه فمَن معه
9- لأن أعز ما يملكه الإنسان بعد إيمانه بالله عز و جل هو الكرامة
و ليس المال أو المنال أو الجاه أو القدرة
فالمجرم يتعذب في داخله قبل أن يحاسبه الآخرون
لأنه على بصيرة من قرارة نفسه التي تحس
بغياب الكرامة بفعل الأفعال الدنيئة
أما الإنسان المحترم الذي يحس بوفرة الكرامة لديه
فإنه أحرى أن يعتلي القمم السامية و المنازل الرفيعة
و هكذا كان شأن يوسف الصدِّيق عليه السلام حين توسم فيه
عزيز مصر أن ينفعه ذات يوم و يكون خليفة له على شعبه
أو يتخذه ولداً لذا فقد قال لامرأته حين أتى بيوسف مستبشراً به :
أكرِمي مثواه أي أكرمي مكانته و اجعليه محط احترام و تقدير
و لم يوصها بأي شيء آخر فلعله رأى أن التربية القائمة على أساس
الكرامة تنتهي بالإنسان إلى أن يكون عالماً
و قادراً على أًن يتخذ القرارات السليمة وفقاً لأسس وقواعد
التفكير الحكيم هذا بالإضافة إلى قدرته على وضعها موضع التنفيذ
فإذا أردنا الكرامة و نتائجها لأطفالنا فما أحرانا بأن نهبها لهم من خلال
حبهم لخالق الكرامة الذي كرَّم أباهم آدم و أسجد له الملائكة
و قال عنهم : و لقد كرَّمنا بني آدم
و إذا أردنا لهم الدرجات العُلا في الدنيا و الآخرة
فلا مفر من مساعدتهم على حب الله الذي يقودهم إلى التقوى
فيصبحوا من الذين قال عنهم : إن أكرمكم عند اللهِ أتقاكم
نتابع
|